بــــــــيـــــــــــان
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
تعتبر أن مشروع الدستور المعدل حافظ على الجوهر الاستبدادي للدستور الحالي
وتؤكد مواصلتها النضال من أجل دستور ديمقراطي
أولت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أهمية قصوى لمطلب إقرار دستور ديمقراطي منذ أكثر من 10 سنوات، معتبرة الدستور الحالي، المصادق عليه سنة 1996، معيقا لأي تقدم فعلي في مجال الديمقراطية واحترام الحقوق، بحكم طابعه الاستبدادي وإجهازه على حق الشعب المغربي في تقرير مصيره الذي تقره المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. كما حذرت الجمعية في بيانها الصادر عن مؤتمرها الأخير، من مغبة الإقدام على تعديلات دستورية جزئية لا ترقى إلى مستوى إقرار دستور ديمقراطي حقيقي بلورة ومضمونا وتصديقا.
وإن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بعد تدارسه مضمون الوثيقة الدستورية المطروحة للإستفتاء يوم فاتح يوليوز والتي تم الإعلان عنها يوم 17 يونيو 2011، خلص إلى ما يلي:
· يحيي الحركة الشبابية ل20 فبراير والداعمين لها الذين فرضوا بالحراك السياسي والاجتماعي الذي خلقوه، فتح الورش الدستوري الذي بقي مغلقا رغم توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ـ الصادرة منذ أزيد من 5 سنوات ـ ومطالب الحركة الحقوقية بتنفيذها؛
· يذكر بمواقف الجمعية المعبر عنها من خطاب الملك ل09 مارس والأفق المحدود للتعديلات التي سطرها، و من اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور وهي المواقف التي انتقدت الطابع غير الديمقراطي للمنهجية المعتمدة واللجنة المشكلة؛ وهو ما انعكس بشكل جلي على مضامين مشروع الدستور المعدل المعلن عنه، الذي ظل بعيدا عن مقومات الدستور الديمقراطي، وغير منسجم في الجوهر مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني؛ وذلك للاعتبارات التالية :
ــ رغم إدراج عدد من الحقوق والحريات في مشروع الوثيقة كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في المشروع المقترح ـ والذي يعد تطويرا للدستور الحالي ـ فعدم توفر ضمانات دستورية ـ القضائية منها بالخصوص ـ لتنزيل هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع. كما أن المشروع لا يقر إحدى الحريات الأساسية وهي حرية العقيدة.
ــ رغم التصريح بسمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الوثيقة المقترحة فقد تم تقييده بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية مما يشكل تناقضا يفرغ هذا السمو من أي مضمون.
ــ إن المشروع لم يكرس المساواة الفعلية بين النساء والرجال، بسبب اشتراطه عدم تعارض تلك المساواة مع الخصوصيات المتجلية في "أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"، وهي مصدر التمييز بين الجنسين في الحقوق المدنية، ومبرر تحفظات المغرب في هذا المجال. مما يفرغ التنصيص على المساواة بين الجنسين من مضمونه الحقوقي الكوني.
ــ رغم إيجابية إقرار المشروع بالأمازيغية كلغة رسمية، فقد تم تأجيل أجرأة هذا الترسيم من خلال ربطه بصدور قانون تنظيمي؛ كما تم تكريس التراتبية بين اللغتين العربية والأمازيغية.
ــ إن المشروع لا يقر بحق الشعب المغربي في تقرير مصيره المنصوص عليه في العهود الدولية لحقوق الإنسان بسبب عدم احترم السيادة الشعبية وذلك من خلال هيمنة السلطة الملكية على السلطة التنفيذية (المجلس الوزاري، المجلس الأعلى للأمن، التحكم في الجيش، وحل البرلمان وصلاحيات تنفيذية أخرى جوهرية ومتعددة)، وتحكمه في مجال التشريع وتغيير الدستور، وترأسه للسلطة القضائية وهيمنته على السلطة الدينية، كأمير للمؤمنين، مع تمكينها من صلاحيات تشريعية واسعة.
ــ إن المشروع لا يضمن فصلا للسلط بسبب مراكمة المؤسسة الملكية لأهم السلط : التنفيذية والتشريعية والقضائية والدينية.
ــ إن المشروع لا يضمن استقلالا فعليا للقضاء مادام رئيس السلطة التنفيذية هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية ويعين جزءا من أعضائه، ويتحكم في المحكمة الدستورية بتعيين نصف أعضائها ورئيسها ويتحكم في حق العفو بدون حدود مما يسمح بإلغاء الأحكام والمتابعات.
ــ إن المشروع لا يضمن فصلا بين الدين والدولة، بل يعمق هيمنة السلطة الدينية من خلال دسترة المجلس العلمي الأعلى ورئاسة الملك له وجعله مصدرا موازيا للتشريع عبر الإفتاء الرسمي.
ــ إن المشروع يكرس مضمون الفصل 19 من الدستور الحالي ـ الذي ظل يعتبر دستورا داخل الدستور ـ حيث تم تجزيئه إلى فصلين 41 و42، مع تعزيز سلطات الملك الدينية.
ــ إن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المثبت في ديباجة المشروع يفرغ من مضمونه بوضع جوهر السلط التنفيذية والتشريعية والدينية خارج البرلمان والحكومة ووضعها بين يدي الملك المحصن من أية محاسبة، رغم حذف مصطلح القداسة في المشروع.
· إن المكتب المركزي، بعد تحليله لمضامين مشروع الدستور على ضوء مقومات الدستور الديمقراطي التي سطرها المؤتمر التاسع للجمعية (ماي 2010)، ووقوفه على تناقض تلك المضامين في العديد من الفصول مع المعايير الكونية لحقوق الإنسان:
- يعتبر أن مشروع الدستور المعدل ما زال محافظا على الجوهر الاستبدادي للدستور الحالي وغير متلائم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وبالتالي لا يمكن أن يشكل مدخلا لبناء دولة الحق والقانون ومجتمع الكرامة والمواطنة.
- يؤكد أن النضال من أجل دستور ديمقراطي ما زال مستمرا، ويجدد دعمه للحركة النضالية التي أطلقها شباب 20 فبراير والتي تواصل نضالها من أجل دستور ديمقراطي ومن أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
المكتب المركزي
الرباط في 24 يونيو 2011
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire